الخميس، 28 فبراير 2008

الكويت وخفايا العقاب على التأبين ؟

بقلم المحامي عبد الحميد دشتي .



أسئلة تطرح نفسها على هامش الأزمة التي شغلت الكويت في الايام الماضية، حول حفل تأبين قائد كبير في المقاومة اللبنانية هو عماد مغنية ومنها :

هل الحملة على فئة كبيرة من الكويتيين بحجة حفل تأبين مغنية والتلميح إلى ولاء خارجي لأتباع مذهب إسلامي يدين به ثلث أهل الكويت، هو إستكمال لدور بعض أهل الصحافة والسياسة الكويتيين، خلال حرب العراق- إيران ؟

والمقصودين بسؤالي هم من عملوا على مساعدة مخابرات صدام الهالك على ضرب الوحدة الوطنية الكويتية . مع تغيير في المعتدي هذه المرة، من صدام إلى بوش مع بقاء المقتول واحدا وهو الشعب المسكين المستهدف في المنطقة العربية والإسلامية .

وهل " لموقعة سحل المؤبنين وسحب جنسيتهم " علاقة بمحاولات إشعال حرب مذهبية في لبنان والعراق والسعودية والكويت والبحرين ( وهي ما يحلم به الصهاينة) وهل لها علاقة بمحاولات نسف عاطفة الأخوة بين اللبنانيين والكويتيين؟ وهل لها علاقة أم هي خطة مرسومة من النافذين الأجانب عبر المتواطئين معهم في الإعلام والسياسة لجر الموقف الكويتي إلى جانب فئة لبنانية ضد فئة لبنانية أخرى ، ولجر الموقف الكويتي من حسن الجوار إلى العداء مع إيران ومع العراق (على إعتبار أن مغنية تم تأبينه في العراق أكثر مما تم تأبينه في لبنان )؟

إذا كان الجواب معروفا وهو أن التأبين بحسب القائمين عليه ومنهما العزيزين ، السيد عدنان عبد الصمد والسيد أحمد لاري ، هو تعبير عن وفاء الشعب الكويتي ، وتعبير عن أخوته للشعب اللبناني. الذي سقط له قائد يحترمه ويحبه ملايين اللبنانيين والعرب والمسلمين فلماذا طرح البعض مسألة الولاء للخارج في هذا الوقت العصيب وبدون أسباب موجبة ؟

هو حفل تأبين فقط، له هدف واحد ومعنى واحد، وهو يؤكد وقوف الكويت إلى جانب ملايين اللبنانيين في مصابهم بفقد قائد من قادتهم ، وهو فعل وفاء لمن وقف بجانبنا في آب العام 1990 وليس لشخص بذاته مهما كان تاريخه قبل المقاومة وقبل الجهاد؟

الم يكن الشعب اللبناني أول شعب تظاهر وناصر الكويت ضد صدام حسين ؟

هل نسيتم يا أهل الكويت ، أهل لبنان، وخصوصا أهل الجنوب، كيف فاضت عواطفهم معنا ؟ فهل نشمت بهم لأن صدام حسين زرع لنا بذرة شقاق في الثمانينات مع الجيران والأقربين على حساب أمننا ومالنا وثرواتنا وإستقرارنا وإستقلالنا وهي بذرة شقاق إتفق على إستخدامها اليوم عدوين للكويت ، الصهاينة وازلامهم والتكفيريين وعملائهم المتخفين تحت عمائم الإعتدال الكاذب والعلمية المنتحلة .

هل نسينا من فجر مكتب المرحوم عبدالله علي دشتي في الكويت ولماذا ؟
هل نسينا من قتل شهيدنا الكبير المرحوم الشيخ فهد الأحمد ولماذا ؟
هل نسيتم من قتل أسرانا ولماذا ؟ ومن ساندنا وساند أسرانا واقام إحتفالات المطالبة بإطلاقهم وكشف مصيرهم ؟ الم يكن اللبنانيين هم من شاركونا في كل ذلك ؟
الم يقيموا مهرجانات لأسراهم ولأسرانا سويا في الضاحية وفي بيروت وفي الجنوب ؟
لماذا لم نطالب بدم الف شهيد كويتي بار ممن ساعدوا صدام على قتلهم ؟ في الاردن وفي رام الله وفي صنعاء وفي الخرطوم ؟
ولماذا سامحنا من ساهموا في قتلنا وفي دمار بلدنا ؟ عنيت الأردن واليمن والسودان .



لماذا كل هذه الدعوات المشبوهة والتكفيرية لسحب جنسية النائبين عن الأمة، اللذان يتمتعان بروحية وطنية كويتية عز نظيرها لدى أغلب الطارئين على السياسة الكويتية ، ممن كان أغلبهم لأكثر من عقد، من رعايا المقبورصدام حسين الروحيين في الكويت . وبعضهم، كان قد دبج قبل الغزو العراقي لبلدنا الحبيب، آلاف المقالات والأبيات الشعرية في مديح الطاغية . وبعضهم الآخر لا زال يرفع صورة المقبور المجرم الزرقاوي في دوواينه وفي مكاتبه .

وآخرين منهم باعوا الغالي والنفيس من كراماتهم على سلالم قصور صدام حسين لنيل لفتة من ناظري مجرم موصوف . وآخرين منهم باعوا حلى نسائهم بعد نفاذ أموالهم ليقدموها للإرهابيين في العراق وفي أفغانستان وفي باكستان وفي الكويت لإرهابيي " صيصان الجزيرة " الضالين .

فهل مثل هؤلاء من له الحق بالدعوة لتخوين كويتيين أصيلين ، يشهد لهم القاصي والداني بتضحياتهم لخدمة هذا الوطن ؟
وعلى فرض ان عضوي مجلس الأمة أخطئا ، فهل من حق اي كان أن يشكك بوطنيتهما ويدعو لسحب الجنسية منهما ؟

هل نعيش في دولة قانون أم في دولة داحس والغبراء .

بالتأكيد من حق كل كويتي، مسؤولا كان أم غير مسؤول، أن يقاضي من يشاء ممن شاركوا في حفل التأبين .

و نحن ايضا ككويتيين قاومنا الإحتلال الصدامي وسقط لنا شهداء ابطالا على مذبح الحرية ، من حقنا أن نعيد فتح ملفات من ساقوا الكويت وأهلها إلى مذبح صدام ، حين فتحوا البلاد على مخابراته وسهلوا له الوصول إلى كل مفاصل الوطن الغالي ، فدفعنا ثمنا لا يعوض من دماء أبنائنا وأخوتنا ، نعم ايها المتغاضون عن جرائم الصداميين السابقين والتكفيريين الحاليين بحق الكويتيين، سنفتح ملفاتكم لنرى فعائلكم وجرائم بعضكم في نظر القضاء الكويتي .

نعم من حقنا أن نلاحق بالقانون، من مجدوا القاتل المجرم ، ومن حقنا مقاضاة من غطوا على جرائم الطاغية تجاه الملايين من أفراد شعبه ، ففاجأنا بمد سكينه إلى رقابنا .

تريدون محاكمة من ساندوا شعب لبنان ؟ إذا من حقنا أن نحاكم من ساندوا الطاغية ضد شعبه وضد شعب الكويت .
عدنان عبد الصمد وأحمد لاري ورفاقهما لم يخطفا مئات الكويتيين ولم يقتلا فهد الأحمد و أحمد قبازرد ، صدام حسين هو من فعل . وأتباع صدام أنفسهم ،ومادحيه أنفسهم، هم من يريدون لنا اليوم أن نوالي إسرائيل وندين أعدائها .

يا سادة العقاب والتكفير ، ما الذي فعله النائبان غير ما فعله كل الكويتيين بدءا بالحكومة وإنتهاء بكل المؤسسات الخاصة والعامة في صيف العام 2006 ؟

الم تقف الكويت وقتها بقضها وقضيضها خلف حزب الله ،وخلف مجاهديه؟

الم نساند كلنا الذين هزموا إسرائيل في ساحات الجنوب اللبناني ؟ بينما كنا نحن في الكويت حكومة وشعبا نقف صفا واحدا خلفهم في ساحة الإرادة؟
إذا ما الذي تغير ؟

إني ومن منطلق الوفاء للكويت ولأهلها ، ومن منطلق الخوف على الكويت وأهلها ، أطلب من كل الشعب الكويتي ومن حكومته ومن سمو الأمير المبجل ، أن ينتبهوا جميعا إلى أن المنطقة تمر في هذه الفترة في مرحلة خطيرة جدا ، ورائحة الحروب الكونية الإلهية البوشية تلوح في الأفق ، وقد حان الوقت لكي نقف على الحياد، إن لم نكن نريد أن نساند الجيران والأخوة في الدين ، لأن ما يحصل عندنا على سطحيته ، مرحلة مرسومة من مراحل زرع بذور الفتنة الطائفية في المنطقة لكي لا تثير حرب بوش القادمة على إيران اي ردات فعل أو تعاطف شعبي لدى أهل المنطقة وخصوصا شعوب الخليج والكويتيين منهم .

الكويت تتسع لكل الاراء ولكن إياكم ومنطق التخوين الذي تختفي خلفه لعنة الطائفية والتفرقة العنصرية البغيضة . فليس صدفة أن أعلى الأصوات الفتنوية اليوم في الكويت ، هي نفسها ألاصوات التي بحت وهي تمجد صدام سابقا و بن لادن لاحقا .