الجمعة، 28 مارس 2008

قمة المقاومة في دمشق - صحيفة الوطن


http://www.alwatan.sy/dindex.php?idn=30598
بقلم المحامي عبد الحميد عباس دشتي
خلافاً لقمة بيروت في عام 2000 حيث تقدم العرب بمبادرة السلام التي عرفت فيما بعد بمبادرة الأمير عبد اللـه (العاهل السعودي الحالي) والتي رفعت غصن الزيتون تحت الضغوط الأميركية لإسرائيل في الوقت الذي كان فيه الجيش الصهيوني يذبح أهالي غزة والضفة من الوريد إلى الوريد، هذا أمر لن يتكرر في قمة المقاومة والمقاومين في دمشق، فكل من حضر للمشاركة في هذه القمة من زعماء ورؤساء وقادة قد جاؤوا بعد أن قطعوا حبل السرة مع الاملاءات الأميركية.في قمة دمشق العربية لن يكون هناك قرارات تحت الضغوط الأميركية، ولن تكون هناك قرارات ترفع غصن الزيتون في وقت يذبح الإسرائيلي أهلنا في غزة وفي الضفة.. سيرفع العرب الحاضرون في دمشق للمشاركة في القمة العربية رايات المقاومة التي حفظها لهم السيد الرئيس بشار الأسد بثباته على الحق، فأصاب إخوته وأشقاءه القادة المشاركين معه في قمة المقاومة بعدوى المقاومة والممانعة.على الرغم من أن معظم القمم العربية السابقة، لم تشكل في يوم من الأيام علامة فارقة في التاريخ العربي الحديث، إلا أن القمة العربية الحالية في دمشق، لها طعم آخر ونكهة أخرى لأسباب عدة، أولها أنها تعقد في مدينة المقاومة والانتصار لكل القضايا العربية، مدينة العرب وعاصمتهم جميعاً قبل أن تكون عاصمة سورية نفسها، مدينة هي رمز الممانعة في الشرق العربي، وهي مدينة ودولة يقودها رجل ذو هامة كبرى، هو الرئيس بشار الأسد، الرجل الذي أصبح بشبابه وحيويته، رمزا للحكمة السياسية والشجاعة الأدبية والمعنوية والمادية.قمة عربية أراد الأميركي جعلها محطة لإظهار قوته وسطوته على زعماء العرب من المحيط إلى الخليج، وقد شاهدنا بأم العين كيف تصاعدت الضغوط قبل القمة بحجج مختلفة.. ورأينا بأم العين، وسمعنا كيف دعا عدد من رجال الإدارة الأميركية زعماء العرب بكل وقاحة، لعدم حضور القمة العربية في دمشق. ولقد رأينا وشاهدنا كيف وصل نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني إلى المنطقة، لكي يحرض على سورية وعلى مقاطعة القمة.نتيجة لكل المعطيات التي سبق ذكرها، تحولت المشاركة في قمة دمشق، إلى معيار لمقدار الحرية والسيادة والاستقلال التي يتمتع بها زعماء العرب أمام الأميركي على الأخص.هذا من جهة، ومن جهة أخرى، وبسبب التعنت والتطاول والتدخل الأميركي المفضوح في شؤون الدول العربية الداخلية، وخصوصاً فيما يتعلق بالمشاركة في القمة العربية من عدمه، تحولت قمة دمشق العربية إلى رمح عربي يمكن غرسه في عين الاستكبار والاستعمار، وتحولت القمة إلى راية من رايات مقاومة الهيمنة الدولية الأميركية على الشؤون الداخلية للدول العربية بحجة المصالح المشتركة.هكذا تحول الرؤساء والملوك والأمراء العرب، إلى مقاومين من الدرجة الأولى بمجرد قرارهم بالمشاركة في القمة، وقد جاء قرارهم كعلامة وإشارة لمن يريد أن يفهم، وكمسعى علني من قبل الزعماء الأحرار، لتأكيد قرارهم المستقل، ولتأكيد سيادتهم على قراراتهم الوطنية.وقد جاءت قرارات المشاركة في قمة دمشق على أعلى مستوى من قبل ستة عشر زعيماً عربياً (وهو عدد قياسي لم يحصل سابقاً) كردة فعل على التدخلات الأميركية في شؤون تلك الدول، وستكون المشاركة في القمة العربية رمزاً للحفاظ على حرية اتخاذ القرار في الدول التي شارك زعماؤها في أعمال القمة.نقول هذا ونحن نتمنى أن تنسحب هذه المقاومة الآنية إلى دين الأنظمة وديدنها في التعامل مع الأميركيين، ونتمنى وندعو اللـه لكي يلهم قادتنا صبراً على الأذى الأميركي يستمر إلى أبد الآبدين، فتصبح كل قراراتهم تماماً كما هي اليوم.... حرة مستقلة تحافظ على السيادة الوطنية لكل دولة وعلى المصالح القومية المشتركة للأمة العربية.أما وإني كويتي موجود في الوقت الحاضر في دمشق، فلقد تعرضت لوابل من المواقف الرائعة، التي بينت لي مقدار وعي الشعب السوري ومقدار حبه وعاطفته تجاه كل العرب، وعلى رأسهم الكويت دولة وشعبا.ولنكن صريحين، فقد نزل تصريح الحكومة الكويتية اليوم معلناً مشاركة وفد كويتي كبير في القمة بدمشق وعلى رأسه سمو الأمير المفدى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، فقد نزل هذا التصريح برداً وسلاماً وعاطفة جارفة على قلوب السوريين أولاً والعرب عامة ثانياً. إن العشرات ممن التقيتهم في دمشق وخصوصاً خلال فعاليات بطولة دورة الوفاء للفروسية، قد صارحوني بفخرهم العامر وفرحهم الغامر بمقدم سمو أمير الكويت حفظه الله، فجاوبت الجميع قائلاً:إن أهل الكويت تعلموا من حكامهم آل الصباح الكرام معنى الوفاء والتواصل الأخوي مع الأشقاء العرب، وقد تعلم الكويتيون من حكامهم حفظهم اللـه ورحم الماضين منهم جميعاً، محبة وعشق سورية وأهل سورية وقيادة سورية، ونحن في الكويت لا ننسى، فإن أميرنا المفدى لا ينسى ولم ينسَ موقف المغفور له الرئيس الراحل حافظ الأسد في معركة التحرير، حيث اتخذ رحمه اللـه موقفا أخوياً رائعاً لا تردد فيه ولا تهاون، بدعم الحرب لتحرير الكويت من الاحتلال، على الرغم من الإحراج والحرج الذي قد يفكر فيه الكثيرون قبل اتخاذ مثل ذاك الموقف. إلا أن الرئيس حافظ الأسد رحمه الله، كان له موقف حازم وصارم بدعم الشرعية الكويتية حتى التحرير الكامل.نحن في الكويت لن ننسى أن أميرنا المفدى لم ولن ينسى الوفاء لمن وقف مع الكويت يوم عز الناصر والمعين، وهو رمز الوفاء ورمز العطاء، ووالد الجميع في الكويت، وحبيب قلوب المشتاقين له من كل أرجاء دنيا العرب، الذين لم يعرفوه منذ عقود وطوال حياته السياسية أطال اللـه في عمره، إلا كمصلح وساع في خير العرب وصلاحهم.فهل من المعقول لرجل بمثل صفات وأخلاق وعظمة نفس الأمير المفدى سمو الشيخ صباح الأحمد، هل لمثله إلا أن يكون على رأس العاملين لخير الأمة العربية انطلاقاً من قمة العرب في عاصمة العرب دمشق؟ وهل يمكن لأي كان أن يتصور رجلاً مقداماً شجاعاً، حارب في سبيل أمة العرب لعشرات السنين، هل يمكن لرجل مثل أميرنا المفدى أن يتأخر أو يتلكأ عن إظهار وفائه لمفخرة العرب سورية، عبر الحضور شخصيا على رأس وفد من كرام الكويت ومفاخرها لحضور القمة والمشاركة في أعمالها؟إن رجل الواجب ومعلم الوفاء القومي لأمة العرب سمو أميرنا المفدى، حين يقرر المشاركة بنفسه في قمة دمشق العربية، إنما يعلم من يريد أن يتعلم معنى القيام بالواجب القومي قبل كل شيء، وردا للجميل ثانياً، وهو يعملنا كيف يكون الوفاء حفظا لحق الأخ على أخيه ثالثاً، وكيف يكون التمثل بأخلاق آل الصباح رمز الكويت وفخرها في الوفاء وفي مؤازرة الشقيق رابعا.إن قمة دمشق نجحت في لمّ الشمل العربي والحمد لله، لأن دمشق كانت وما زالت مهوى أفئدة كل عربي شريف وحر ومستقل. وللزعماء الآخرين ممن سيحضرون القمة نقول: بوركتم وبوركت مساعيكم، فلولا رجولتكم لما بقي في نفوسنا أمل بأن نراكم في موكب الانتصار القادم سريعا وقريباً إن شاء الله. موكب يعيد الحق لأصحابه ويحرر المحتل من محتله، ويعيد توحيد ما تمزق من نفوس وشعوب، ويدحر المحتل الأفّاق الساعي إلى نصره بفرقتنا.توحدتم في دمشق وفي ضيافة الأسد ابن الأسد، فشكراً له لتهيئته الظروف الملائمة لحضوركم، وشكراً لكم لأنكم أعدتم الأمل لشعوبكم بحضوركم. سلمتم وسلمت الشام وأهل الشام وسلمت أمة العرب وزعماء العرب.
عبد الحميد عباس دشتي