عبد الحميد عباس دشتي
من الواضح أن لدى السلطات الكويتية نظرتين للأمور الداخلية المتعلقة بالتعامل مع المواطنين، فيما يخص القضايا الخلافية .
النظرة الأولى أبوية وحنونة ، تعرف بأن مصلحة الكويت تقتضي تهدئة الأوضاع الداخلية ونبذ الفرقة، وإطفاء الفتنة، وإحتضان الجميع، وترك النقاشات الحادة إلى مجالس النقاش المفيدة، والمغلقة، لما فيه مصلحة الكويت شعبا وحكومة .
أما النظرة الثانية للأمور ، فهي التي تخص مراكز قوى خفية أحيانا وظاهرة أحيانا أخرى، ولكنها في كلتا الحالين معروفة للكويتيين.
هذه الفئة الباغية تغامر بأمن الكويت، وبمستقبل شعبها، وتستعدي أطرافا داخلية وعربية، بدون أي سبب منطقي، وبدون أن يكون هناك أي أفق لمصلحة كويتية في هذا الإستعداء .
هذه الفئة في السلطة الكويتية و بصراحة، تختبيء حاليا خلف النيابة العامة، التي كان بإمكانها أن تتصرف بطريقة اكثر مرونة مما فعلت ، عبر مساواة المعتقلين الشيعة بالمسؤول عن جمعية إسلامية سنية وصف بنات الكويت في خطاب له في معرض الدفاع عن منع الإختلاط بابشع الوصف،ثم أطلقه حضرة النائب العام بدون كفالة .
أو على الأقل، كان بإمكان النيابة العامة أن تطلق سراح الموقوفين بعد التحقيق معهم بكفالة، وتمنع سفرهم، ثم تستدعيهم للمحاكمة، فإما إدانة وإما براءة .
الطامة الكبرى، التي تظهر مسعى الفئة الصدامية في السلطة الكويتية ونيتها بالتصعيد، تمثلت في التطاول على رمز من رموز الكويتيين الشيعة ، عنيت سماحة الشيخ حسين المعتوق.
يعني يا جماعة الخير ، هذا عالم دين يحترمه مئات الآلاف من الكويتيين، ويعتبره جزء كبير منهم زعيما دينيا وسياسيا، فما الداعي لتوقيفه؟
مع علم السلطة، بأن ردة الفعل على فعلتها هذه، لن تكون الصمت والتهدئة. لأن من كان يدعوا للتهدئة سيجد نفسه محرجا، وهو يرى أن لا حرمة في الكويت، لا لرجل دين ولا لنائب ولا لمفكر ولا لعالم اولباحث أكاديمي ولا لمقاوم وأسير سابق لدى المحتل العراقي ، خصوصا في المرحلة الحالية إن كان مذهبه مسلم شيعي .
الفئة الثانية المخلصة فقط
لمصالحها الداخلية ولمصالح الخارج في الكويت على حساب الكويتيين، إنما إستهدفت من خلال إستغلالها لنفوذها، وقدرتها القانونية التعسفية، أن تشعل الفتنة، وأن تستثير الناس ليخرجوا إلى الشارع، فتذهب إلى الخطة الرئيسية التي وضعتها قيد التنفيذ، منذ اللحظة الأولى لحفل التأبين ، وهي إستعمال القوة وإسقاط ضحايا من المدنيين، وإختلاق تهم التخريب والغوغاء والزج بمئات الناشطين المؤثرين شعبيا في السجون، وفرض حالة من الترهيب يكون بطلها رجل أمن، وشخص آخر يعمل من خلف الستارة ، داعما بالمال لكل من يشق الصف الشعبي للشيعة، وواعدا بالمناصب والعطاءات ، كل كويتي يتخلى عن نصرة إخوته الشيعة أكان سنيا أوشيعيا أم علمانيا محايدا .
إنها خطة مبيتة منذ فترة طويلة، والهدف منها زعزعة الأمن وتعريض النظام للإهتزاز فيتدخل " الحبيب رامبو الكويتي رحم الله والده " ويعيد النظام بطريقتين :
الأولى قمع القوى الأمنية الرسمية للمتظاهرين الشيعة، والثانية إرسال ميليشياته السرية التي أنشأها ومولها من السلفيين، ونصب عليها أتباعه أمراء وقادة للتعارك في الشوارع بالسلاح الأبيض والناري مع الشيعة، بحجة أن السلفية التكفيرية تؤدب الشيعة الروافض (إذكروا محاسن هوادم الأمة ) .
الهدف من هذه الخطة ليس خدمة أميركا وإسرائيل فقط ، عبر ضرب تيار الممانعة العروبي والإسلامي المعتدل في الكويت، الرافض للهيمنة الخارجية، والرافض للحروب الدموية التي تحضرها أميركا ضد دول شقيقة وصديقة مسلمة فقط ، وليس الهدف من هذه الخطة ، إظهار قدرة التيار المتأمرك على السيطرة والقمع فقط ، الهدف الأكبر يا سادة، هو الإستحصال بحجة إعادة النظام وحفظ الأمن العام في الدولة، على سلطات أوسع، ونفوذ أكبر (للحبيب إياه ) بحجة مركزه الأمني ، وبعدها و عبر أدواته من وزراء ونواب جلبهم بنفسه، سيصبح هو بحسب الخطة، الآمر الناهي في الكويت ، بعيدا عن المركز الذي يحتله ، مستعينا على ذلك ضد السلطة الشرعية بحصانة ممنوحة له من الخارج السعودي الأميركي الضاغط والمؤثر على قرار السلطة الشرعية الوطنية والشريفة، لكي لا تتحرك ضد مراكز النفوذ وتسحقها، بحجة أنهم رجالها الذين تستعين بهم في الحرب على الإرهاب (رجال أميركا وحلفاء أميركا) .
إن الأشخاص العاملين على تنفيذ هذه الخطة، إنما يفكرون ويعملون لمصلحتهم الشخصية فقط لا غير ، لأنهم يعتبرون أنفسهم أحق بمال الكويت من الكويتيين، و هم على إستعداد، لفعل كل شيء وأي شيء تريده منهم أميركا والسعودية .
الأولى لأنها القوة الأعظم، والثانية، لأنها الأداة التنفيذية التي تدعمهم بالمال والإعلام والتخطيط . ( قال لي صحافي لبناني صديق أن مجموعة شيعية أصولية تكفيرية كويتية زارته الشهر الماضي، وفاوضته على رئاسة تحرير صحيفة تريد أن تصدرها من الكويت، وقد عمل معهم لفترة وهو وطني وعروبي، ثم إكتشف أنهم يعادون المقاومة كما يعادون المسلمين السنة، وأن ورائهم جهة كويتية تحتل منصبا رسميا
" الحبيب إياه " وأن الجهة الأخرى التي تمول تلك الجهة التكفيرية هي المخابرات البندرية السعودية.)
أين دور الفئة الوطنية المخلصة من السلطة الكويتية لدحر هذا المشروع الأميركي السعودي ؟
إنها رهن إشارة سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح ، الذي لا نظن ولا نعتقد بأن حسمه للأمر لصالح الشعب الكويتي ولمصلحة الدولة الكويتية سيطول ، وهو كما عهدناه، سينقذ الكويتيين من الفتنة، و سينقذ الوطن من الوقوع في براثن مراكز قوى مدعومة أميركيا وسعوديا (ويقال إسرائيليا) وهي قوى يعرفها كل كويتي وتضم سراق المال العام وناهبي الثروة، بداية من شرايين الرياضة والشباب ، إنتهاء بصفقات البترول والحفر والطم ، مرورا " بعذيبات " الحالمين بالإنقلابات العسكرية في الكويت على الطريقة اللاتينية.
لهذا ، على كل الشيعة ، من أهلي الحساوية والبحارنة والعجم ومعهم كل الكويتيين الشرفاء ، أن يتوحدوا خلف سمو الأمير وخلف الفئة الوطنية الشريفة في الحكومة الكويتية .
وعلى الجميع، ألا يسمحوا بالتفرقة الشيعية – الشيعية أولا (إنتبهوا يا أخوتي الشيرازية من الاعيب الحبيب) ولا بالتفرقة الكويتية – الكويتية ثانيا .
وعلينا جميعا أن نتضامن بهدوء وحضارة وبطريقة سلمية ، وعلينا أن نتضامن في وجه المؤامرة التي تستهدف الجميع. فمن إتهموه اليوم بأنه حزب الله ، سيتهمون غيره غدا بأنه إخوان مسلمين عملاء لمصر أو لحماس (وباقي الحسبة عليكم )
علينا يا إخوتي الكويتيين جميعا أن نصرخ بأعلى الصوت :
من قاوم صدام لن يهاب مراكز قوى يديرها " الحبيب " علينا أن نصرخ أيضا بالحرية للمعتقلين وعلى رأسهم الزعيم الديني الشيخ حسين المعتوق حفظه الله، حامل عمامة رسول الله " ص" (ويحكم أيهان رمز الرسالة ونسكت)
وليكن شعارنا جميعا :
فدا الكويت ، وأمير الكويت كلنا فدائيون ـ نعم
كلنا فداك يا أميرنا المفدى، كلنا خلفك لإنقاذ الكويت من المتآمرين الذين على ما يبدو، يحلمون بتنصيب أنفسهم سادة على الاسرة التي ينتمون إليها (لا قدر الله ) ويحلمون بأن يصبحوا مثل " الجيران " ديكتاتوريين على الشعب الكويتي.
نقول يا بو ناصر، أنت ابو الكل وأخو الكل ومنقذ الكل، بحكمتك وحزمك، مرنا نخوض البحر معك، أنا وكل شيعة الكويت كما كل الشعب الكويتي من محبيك وعاشقيك.
أنقذنا لننقذ الكويت ولنعيدها إلى الأمام حيث تستحق ، لا إلى الوراء كما يخططون.