السبت، 8 مارس 2008

حرب إستباقية أم إتهامات قانونية



المحامي عبد الحميد عباس دشتي


أول مرة في حياتي القانونية كمحامي أسمع بحادثة كتلك التي تحدث في الكويت حاليا.

نواب في مجلس الأمة ومواطنون يشتكي عليهم مواطنون مثلهم بسبب مجلس تأبين ، يطلبهم القضاء ( أو القدر ) في مباحث أمن الدولة ويوقف بعضهم ممن ذهبوا طواعية إلى مباحث أمن الدولة، فتحقق معهم النيابة العامة وتسألهم عن علاقة حزب الله اللبناني بإيران وعن ردة فعلهم إذا ضربت إيران من أميركا!

توقف النيابة العامة المتهمين بتهمة إنتمائهم إلى جماعة يشكلون حزبا محظورا يعمل على نشر مباديء ترمي إلى هدم النظم الأساسية في البلاد بطرق غير مشروعة !

وكذلك إتهموا بإذاعة أخبار كاذبة عن الأوضاع الداخلية للبلاد (بالله عليكم فليخبرنا أحد ما ماذا أذاعوا) وكان من شأن هذا إضعاف هيبة الدولة في الخارج .

تتوالى التوقيفات وفجأة تضاف تهمة جديدة إلى ملف الإتهام :

" العمل لخدمة النظام الإيراني و تصدير الثورة " أي العمل لمصلحة طرف أجنبي وهذه خيانة وطنية عظمى تستحق الموت والإعدام شنقاً .

في الإتهام الأول والثاني إستخفاف بعقول الناس، وفي الإتهام الثالث إعلان حرب على أهل الكويت لماذا ؟

إن حق التقدم بشكوى ضد أي كان هو أمر مشروع و مكفول قانونا، وللقضاء الحر والنزيه حق قبول الدعوى أو حفظها، ولكن هل من حق أمن الدولة السكوت عن عملاء لدولة خارجية بإنتظار التأبين ليتحرك؟

أم أن التهمة هي مجرد هراء، و محاولة تصعيدية لإثبات القدرة على الترهيب، ولمصلحة أطراف خارجية تنوي حربا في المنطقة، وتريد من الكويتيين أن يكمموا أفواه بعضهم بعضا منعا لهم عن إظهار رأيهم الصريح بالعدوان على دول جارة أو على دول شقيقة؟ سؤالي كما يتساءل كل أهل الكويت أين ذهبت قضية التأبين؟


و هل جهاز أمن الدولة يعمل على حماية أمن الكويتيين وحكومتهم، أم مهمته حماية العدوان القادم من الغرب وإسرائيل (على لبنان وسوريا و على شعب إيران) من غضبة الشعب الكويتي ؟
هل تريدون منعنا منذ الآن عن التظاهر والتضامن مع المدنيين الذين سيقتلهم الحلفاء في واشنطن وأصدقائهم في تل أبيب بضربة إستباقية من خلال توجيه هكذا تهم تقشعر لها الأبدان ؟

هل تريدون منا أن نرتعب ونجلس ساكنين كتلاميذ الحضانة لأن السيد الأميركي يريد أن يجرب أسلحة جديدة على أجساد أطفال لبنان وفلسطين وسوريا وإيران بدون أن يرى أهل الكويت يتضامنون مع أشقائهم العرب والمسلمين ؟

هل جاع الوحش القاتل ولم يشبع من ذبح مليون عراقي ويريد أن يذبح ضعفهم في أيران، ويريد أن يدمغ لبنان بالدنس الإسرائيلي للأبد، وتحتاجون لإسكاتنا وإرعابنا منذ الآن ، وإلا نكون ممن يعملون على " تصدير الثورة الإيرانية " ؟

هل أعلنتم الحرب على أيران وعلى لبنان وعلى سوريا وعلى فلسطين وتتشاركون وإسرائيل في التفتيش عن المقاومين بالرأي والمظاهرة والدعاء قبل بدء حفلات القتل بحق أخوة لنا مسلمين وعرب ؟

يا سادة ، تعلموا من حرب العراق إيران ، كنا طرفا فأصابنا رذاذها. فلماذا تعيدون اليوم نفس الخطأ ؟
ولماذا تريدون أن توجهوا الدعوات الحمقاء للصواريخ الإيرانية لتضربنا إسوة بالأميركيين، إن إشتعلت الحرب التي يبدوا أن عندكم العلم بها وتجندتم في خدمتها قبل أن تقع؟

يا سادة ، يا من لا تعرفون الكويت لأنكم تعيشون فيها ولكن أرواحكم في تل أبيب وفي واشنطن . يا من لا تعرفون عمق العلاقة بين أهل الكويت وبين حكامهم لأنكم تعتبرون أنفسكم دولة " بوشية " داخل الدولة الكويتية وأكبر منها .

أهل الكويت لا تعني لهم الثورة الإيرانية إلا نظام حكم إختاره الجيران ونحن لسنا بحالة حرب أو عداء معها على الأقل بحسب الظاهر ، أما نحن، فلنا أميرنا ولنا دولتنا التي لا نرضى عنها (رغم وجودكم المشوه لها) بديلا، لا إيرانيا ولا سعوديا ولا أميركيا .

لو كنتم حقا تعنون إتهامكم لسارعتم إلى توقيف باقي التجمعات التي تشبه تجمع الأشخاص الموقوفين من حيث ممارستهم لأنشطة دينية إجتماعية لها نكهة سياسية (وينكم عن السلفية وعن هادمي ثوابت الأمة .... وعن ...وعن ...؟).

إذا كانت للموقوفين أو للمطلوبين علاقة خيانة بإيران، فأرجوكم اشنقوهم بعد محاكمة عادلة يسبقها تحقيق نزيه دون تعسف في إستعمال الحق، وكلنا معكم ونشد على أياديكم ولكن ، إن كنتم كاذبين وإتهامكم مغرض ، فعليكم منذ الآن بالتحضر لغضب الجبار لأنه جل شأنه هو ناصر المظلوم إبتداء وإنتهاء ومن ثم للدعاوى والملاحقات التي ستطالكم ، لأن الكويت دولة مؤسسات رغم أنفكم ولها أميرها وقضائها المشهود له بنزاهته وهم لا يرضون بالظلم أن يقع على أحبائهم .

وللأسف لا زال بعض الضيوف في الكويت يجهلون الرجال من أهل الكويت ، فأنتم لا تعرفون من تتهمون ، فهم من صفوة الكويت الشيعة،نواب وأكاديميين نعرفهم ويعرفهم أهل الكويت الأصيلين .

اليس الدكتور عبد المحسن جمال من بينهم ، وهو سليل أجداده من جمال (أولاد بطنها )والنائب السابق الذي اقام الدنيا وصال وجال ضمن الوفود التي جابت أصقاع الأرض من أجل إستعادة الحق والشرعية الكويتية أثناء الغزو، تاركا زوجته أم حسين وأولاده حفظهم الله غرباء في نوتنغهام ، بعد أن استعانت الحكومة الشرعية ضمن الوفود التي أرسلتها لتلك الغاية النبيلة وهو الذي لم يغمض له جفن حتى أفاء الله على أهل الكويت بنعمة النصر والتحرير.

وهكذا هم الآخرين من الكويتيين الأوفياء والأخيار الذين توجه لهم الإتهامات اليوم .
عجبا بدأنا بإثارة الضجة حول التأبين وإنتهينا بإضعاف هيبة الدولة وهدم النظم الأساسية للبلاد وخدمة النظام الإيراني وتصدير الثورة.

يا إلهي !!

إيران دولة جارة مرفوض تدخلها في الكويت ويجب أن نقطع يدا تمتد لخدمة مصلحتها بدلا عن مصلحة الكويت.

والسعودية دولة شقيقة مرفوض أن تتدخل بنا وهي تتدخل (وإسألوا فرخ الزبير صاحب الجريدة الصفراء وجارالشيطان ) ويجب إرسال من يوالونها من مواليها في الداخل في دورة ديمقراطية وحرية رأي إلى الجهة الأخرى من الصحراء أو يتوقفوا تطوعا عن أن تكون جنسيتهم من الكويت وسيوفهم وفقا للتابعية مع السعودية .
وأما للحاكم بأمره في مشرف فنقول، مشكورين وما قصرتوا في تحرير الكويت (وقبضتوا ثمنه من دمنا و مالنا عشرات الأضعاف) ولكن الكويت بلد حر وديمقراطي ولن يكون جمهورية موز أبدا . فلدينا أمير وأميرنا صباح وبوشكم حظه عندنا بوش (خرطي بالكويتي )